صماء غزة.. ترسم الجمال على وجوه السيدات

رشا كحيل
فرشاة صغيرة وبعض أصابع المكياج والعلب الفارغة ملقاة على الرف، كان الدخول إلى الصالون لإجراء حوار يبدو صعباً للغاية، أيدي ناعمة وخفيفة، ومن الملاحظ أنها لمسات عصرية في قصات شعر تبدو مألوفة للوهلة الأولى، ولكنها تحتاج إلي خبرة كبيرة، ولمسة فنية قادرة على صناعة ورسم الجمال على وجوه السيدات في غزة.

بعضنا يُفكر، أن الاستيعاب يكون أقل عند الإنسان الأصم من الإنسان العادي، ولكن الشابة آمال كساب، التي تعمل في محل لتجميل السيدات "كوافيرة" أثبتت عكس ذلك، وأن كل ما تحتاجه لفهمها والتعامل معها هو التركيز قليلاً في الإشارات الصادرة منها، أو استخدام ورقة وقلم، لتوضيح ما المطلوب منها.

بدأت حكاية كساب (36عاماً) حينما فقدت قدرتها على السمع والنطق في الثالثة من عمرها، ومن ثم أدخلتها عائلتها إلى رياض الأطفال، لكن لم يكن حينها أي مدرسة تهتم بالطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، فقامت أخواتها الإناث بتعليمها في المنزل كتابة بعض كلمات اللغة العربية وحروف اللغة الإنجليزية.

آمال التي تتحدث بلغة إشارة خاصة بعالمها اخترعتها وتجاوبت معها عائلتها، أخذتها والدتها لصالون تجميل خاص بالسيدات لتطوير موهبتها، في البداية كانت والدتها تأخذها وتنتظر معها حتى انتهاء الدوام، لكنها قررت أن  تعتمد على نفسها اعتماداً كلياً بعد أن حفظت الطريق المؤدية إلى العمل، فأصبحت تأتي وتذهب بمفردها.

وقالت أختها، إن آمال أرادت أن يكون لها محلها الخاص لكي ترتاح قليلاً، و يكون لها مصدر دخل آمن في المستقبل، وبمساعدة اختها استأجرت محلاً للعمل فيه وقامتا بتجهيزه، أما عن كيفية تعامل آمال مع الزبائن، فتقول أختها رويدة: إنها تستطيع قراءة لغة الشفاه، بالإضافة إلى وجود أختهم هيا لمساعدتها، وتكون حلقة وصل بين آمال والزبائن.

وتعتمد آمال على نفسها اعتمادا كلياً، فهي تذهب للتسوق أو التنزه ولديها العديد من الأصدقاء وعائلتها لا تقلق عليها فهي تمتاز بالشخصية الحازمة، وقوة الإحساس، فهم يلجؤون إليها في الكثير من المواقف لأنهم يثقون دائماً بصواب إحساسها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أمن العقاب أساء الأدب

الجزيرة و نيويورك تايمز تتصدران قائمة تقييم لعشر مواقع